أروع خطب يوم الجمعة عن المولد النبوي الشريف مكتوبة

مع اقتراب مناسبة ذكرى ميلاد سيد الخلق وآخر الأنبياء والمرسلين، يتقدم الخطباء إلى المنابر لإلقاء خطبة تتناول المولد النبوي الشريف، هذه الخطبة تهدف إلى تعزيز الوعي بالقيم والأخلاق التي تجسدها حياة النبي الكريم، وتحث المسلمين على اتباع قدوته وسلوك طريقه، وتعد هذه المناسبة فرصةً للتعرف على سيرته العظيمة والاحتفاء بها، ومن هذا المنطلق، يأتي إلينا خطاب جمعة قد صاغه بعض الأئمة بخصوص المولد النبوي، حيث نسعى لنقله إليكم بهدف نشره بين الأجيال الحالية والقادمة، وذلك لنعمم الفهم الصحيح لسيرة النبي الكريم وأخلاقه النبيلة، وكيفية الاحتفال بهذه المناسبة السعيدة، كما يصادف موعد المولد النبوي الشريف في العام 2023 يوم الأربعاء، الموافق 27 سبتمبر، وتأتي هذه التاريخة وفقًا للحسابات الفلكية، حيث يحتفل المسلمون في هذا اليوم بميلاد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، لعام 1445 هجرية، ومن خلال السطور القادمة سوف ننشر أروع خطب يوم الجمعة عن المولد النبوي الشريف مكتوبة.

أروع خطب يوم الجمعة ومقدمة عن المولد النبوي الشريف

الحمدُ لله الذي نثنيه ونستعينه، ونتوجه إليه بالاستغفار والتوجيه، ونعبر عن شكرنا له، ونتعوذ بالله من سوء أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونحمده سبحانه وتعالى، إذ نعتبر الحمد لله حمدًا جيدًا ومباركًا، فمن اتبع هداية الله فلن يضل، ومن ألقت به الضلالة فلن يجد مُهديًا، ونحمد الله على ما من علينا من نعمته بإرسال رسوله الكريم، الذي أصبح لنا وللعالمين رحمة وإرشاد حتى يوم القيامة، ونشهد أن لا إله إلا الله، الواحد الأحد، الذي لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسل، ونسأل اللهم أن تكون لنا الصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وذريته وأوليائه ومن اتبع هداهم إلى يوم الدين، اللهم، لا نملك علمًا إلا ما علمتنا، فإنك أنت العليم الحكيم، اللهم، ارشدنا إلى الحق حقًا وساعدنا على اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وقونا على اجتنابه، واجعلنا من الذين يسمعون القول فيحفظون أفضله ويعملون به، وبفضل رحمتك، ادخلنا في صفوف عبادك الصالحين.

أيها الفضلاء، أرغب في توجيه وصية بالتقوى إلى جميعكم، وأنا أرشد نفسي أيضًا إلى هذه القيمة العظيمة، فليكن تقوى الله هي محور اهتمامنا ومسار حياتنا، اتقوا الله بالطريقة التي يستحقها، وتذكروا أنه لا ينبغي أن تنقضوا على الدنيا حتى تكونوا مسلمين، متعهدين بالإسلام ومبتعدين عن الشرك والانحراف، وعندما تتقوا الله بالشكل الصحيح، ستنعمون بالنجاح والفلاح في هذه الحياة والآخرة، وستكونون محل رضا ربكم. وعند حلول يوم القيامة، ستحصلون على الجنان والمكافآت السماوية، ويقول الله -تعالى- في كتابه الكريم: “يَا أَيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ”، لذا، دعونا نعمل جميعًا على تحقيق التقوى والانقياد لأمر الله بكل إخلاص وصدق، فالتقوى هي مفتاح السعادة في هذه الدنيا والآخرة، وهي وسيلتنا لنلتقي برضى الله وجنته.

أروع خطب يوم الجمعة
أروع خطب يوم الجمعة

مقدمة الخطبة

أيها العباد المخلصين، ها نحن نقف هذا اليوم معًا في خطبة يوم الجمعة، لنتحدث عن المناسبة المجيدة للمولد النبوي الشريف، وفي أيام مضت، كان البشر على دين أبينا آدم -عليه الصَّلاة والسَّلام-، لكن مع تزايد الأعداد والاختلاف في الآراء، انتشر الانشقاق والتباين، ولكن الله -سبحانه وتعالى- لم يتركهم بلا هُدى، بل بعث رسله ليهديوهم ويعدلوهم بالقسط والعدل، انطلقت هذه السلسلة مع سيدنا نوح -عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام- واختتمها مع سيدنا محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-، آخر الرُّسل والأنبياء.

إن ميلاد الرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- لم يكن مجرد ولادة فرد فحسب، بل كان ميلادًا لأمة بأكملها، وبداية لفجر جديد للبشرية. إنه فجر يخرجهم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والهداية، ومن أوهام الأديان المشوَّشة إلى وضوح وإشراقة الإسلام، ومن تبعة وعبد الله وحده لا شريك له، ومن خرج من ضيق العبودية لواسع الانتماء لله.

ولِد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من سلالة إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصَّلاة والسَّلام-، فكان نسبه أكرم النسب، ومولده أطيب المواليد. وقع ولادته في مكَّة المكرمة يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، وهناك آراء تفيد بأنه وُلِد في الثامن أو التاسع أو الثاني عشر من العام الذي تعرَّض فيه قوم أصحاب الفيل لعذاب الله، بسبب محاولتهم تدمير الكعبة المشرفة.

معشر المسلمين، نتحدث هنا عن آمنة بنت وهب، وهي أم نبينا الكريم، الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ووالدها هو عبد الله بن عبد المطلب، وقد توفي والدها قبل ولادة الرسول في المدينة المنورة، وعندما ولد الرسول، قيل أن أمه رأت نورًا ساطعًا أضاء قصور بلاد الشام، وتوفيت أم آمنة في الطريق إلى المدينة المنورة وهو ابنها لا يتجاوز عمره ست سنوات. تولى جده عبد المطلب رعايته وتربيته في منزله، وبعد ذلك توفي جده عبد المطلب عندما كان الرسول في الثامنة من عمره، وبالرغم من أنه كان يتيمًا لأبويه وجده، إلا أن الله أيسر أموره ورعايته، فقام عمه أبو طالب بتربيته ورعايته وأحبه بشدة، وبسبب تربيته الحسنة لهذا اليتيم الذي هو نبي ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بارك الله في حاله وماله.

أيها الموحدون، يجب أن تعلموا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عاش حياة مليئة بالتحديات والأعباء، لقد كان يعمل في صغره في رعاية الأغنام، وهذا هو السلوك الشائع بين أنبياء الله، حيث أن هذه المهنة تعلمهم المسؤولية والتصرف الحكيم، وعمل الرسول -عليه الصلاة والسلام- أيضًا في التجارة، وكان معروفًا بصدقه وأمانته وحسن معاملته، وعندما بلغ سن الخامسة والعشرين، تزوج من السيدة خديجة -رضي الله عنها وأرضاها-، وكانت هي أكبر منها في السن حيث تجاوزت الأربعين عامًا.

أيها السادة الكرام، دعونا نتناول بعض المقاطع حول السيدة خديجة، تعرِف السيدة خديجة بأنها واحدة من نساء العرب الشريفات، المعروفات بالمعرفة والعقل والحزم والذكاء، ومن هذه السيدة، ولد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربع بنات واثنان من البنين، وجميع أبناء الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذكور هم من السيدة خديجة -رضي الله عنها-، باستثناء إبراهيم الذي ولد من السيدة ماريا القبطية -رضي الله عنها-.

إخوتي في الإيمان، ينبغي أن نعلم أن جميع أبناء الرسول -صلى الله عليه وسلم- توفوا في عمره وحياته، باستثناء فاطمة -رضي الله عنها- التي توفيت بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بستة أشهر، وفي السنة العاشرة من بداية البعثة، وقبل الهجرة بثلاث سنوات، توفيت السيدة خديجة -رضي الله عنها-، ولم يتزوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- زواجًا آخر إلا بعد وفاتها.

أيها الأعزاء، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- شخصية مُحترمة جدًا في قومه، وكان يشاركهم في تسوية النزاعات وحل المشكلات، وشارك في تسوية نزاع قادة قبيلة قريش حول مكان وضع الحجر الأسود بعد أن هُدِمَت الكعبة المشرفة. اقترح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يوضع الحجر الأسود في ردائه وطلب من أربعة من قادة قريش أن يمسكوا بجوانب الرداء ويحملوا الحجر إلى مكانه، ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ووضع الحجر في مكانه بيديه الكريمتين، وبهذا القرار الحكيم أنهى النزاع.

أيها المسلمون، عندما بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- سن الأربعين، بدأت تأتيه الوحي، وبدأت الرؤى الصادقة تظهر له، كانت رؤاه تأتيه بوضوح شديد، وكان يبلغ أهله بها، وبعد ذلك، أُحببَ إليه العزلة والانفراد بعيدًا عن الضجيج والضوضاء، ليتأمَّل في خلوة تفاصيل الكون. كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتجه إلى غار حراء، الواقع على الجهة اليمنية من مدخل مكة المكرمة، ويجلس هناك بمفرده بعيدًا عن الناس، يتأمل ويتفكر. هذا السلوك كان عادةً للصالحين من أجداده، حيث كان يعبد الله أياماً محدودة.

وفي إحدى الأيام، وبينما كان يتعبد في غار حراء، ظهر للنبي -صلى الله عليه وسلم- سيدنا جبريل -عليه الصلاة والسلام- وأوصاه بقراءة، وعندما أخذه جبريل وألقى بثوبه عليه، شعر بأنه يضغط عليه حتى لامسته الإجهاد. ثم أُرسِل مرة أخرى ليقرأ، وتكرر هذا الأمر مرتين أخريين، حتى أصبح ذلك شاقًا على جسده، ثم قال له جبريل: “اقرأ بسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم”، وبعد هذا الحدث، عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته وهو يرتجف من الخوف والهزيمة. دخل على زوجته السيدة خديجة -رضي الله عنها- وأخبرها بما حدث، وأظهر قلقه وخوفه من نفسه، فأطمأنته وقالت له: “كلا والله، ما يُخزيك الله أبدًا، فأنت رحيم بأهلك، وحامل للكلّ، ومكتسب للضائع، ومضيف الضيف، ومساعد في مواجهة الصعاب”.

ثم بدأت الآيات تنزل على النبي تباعًا، ومنها قوم فأنذر، وقم بتكبير ربك، ونظف ثيابك، واهجر النجاسة، ومرر بالأرض لينبّه الناس، وبعد ذلك بدأ النبي ينذر قبيلته المقربة ومن ثم باقي الناس، حتى أُتِمَّ بهذا الوسام دين الإسلام، وأُتمت به النِّعمة على المؤمنين، وأُظهِر به دينه ونصره، وكان الله قد اصطفى النبي ليقوم بمهام معينة كرسول وسفير من الله لخدمة عباد، أمره بنشر البلاغ المبين، ودعوة الناس إلى الدين الحق، وكونه نذيرًا وبشيرًا، وتصحيح الأفكار المنحرفة والعقائد الخاطئة، وكان يلقي نصائح وإرشادات، ويقوم بتنظيم شؤون الأمة وتوجيه أمورها، فلنلتزم بتعاليمه ونهجه، ونتجنب ما حرم علينا.

ختام خطبة يوم الجمعة للمولد النبوي الشريف

لنتذكر أيها الأحباء النعم التي منحها الله -تعالى- لنبينا الكريم. فهو أول من سيُؤذن له بالسجود يوم القيامة، وسيكون أول الأنبياء الذين سيُقضون بين أمته في ذلك اليوم، وسيكون أولهم الذي يجتاز الصراط بأمته بسلام، وسيكون أول من يُدخل الجنة من أمته. إنه الشافع المشفع، الذي سيشفع في رفع درجات أقوامٍ في الجنة بمشيئة الله، حتى وإن لم تكن أعمالهم تستحق ذلك، وسيشفع أيضًا في أقوام قد أمروا بالنار، فيخرجهم منها.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما نبي يومئذ من آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر”. فإن نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- هو سيد البشرية في الآخرة، وله اللواء الذي يحمله في يوم القيامة، وليس لديه فخر أو تفاخر، وسيكون أول من تنشق عنه الأرض ليخرج إلى ميدان المحشر. وهو الشافع الأول، الذي سيشفع للناس أمام الله، وسيكون أول من يبدأ بالشفاعة والتشفيع.

فهذا هو نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي يجب علينا أن نؤازِر قوله وسُنَّته على قول أي شخص آخر، وأن نعلي حبه فوق حبنا لأنفسنا وممتلكاتنا وأهلنا، وينبغي أن نكرس أنفسنا وثرواتنا من أجل دعم شريعته وتعاليمه، وأن نسعى جاهدين لنشرها بين الناس، تمامًا كما كان يفعل السلف الصالح من قبلنا.

أروع خطب يوم الجمعة
أروع خطب يوم الجمعة

أدعية لخطبة يوم الجمعة

  • اللهم، صلِّ وبارك على سيدِنا محمد وعلى آلِ محمد، كما صليتَ وباركتَ على إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم، منة منك وفضلاً، في العالمين.
  • اللهم، امنحنا حسناتٍ في الدنيا وحسناتٍ في الآخرة، وعِنا على تجنب عذاب النار، وأدخِلنا الجنة معَ الأبرار.
  • اللهم، نعوذُ بكَ من الهم والحزن، ومن العجز والكسل، ومن البخل والجُبن، ومن أمورِ الدين تضلُّ بها، ومن سوءِ الرجال.
  • اللهم، أصلِح دينَنا الذي هو حصنُ أمورِنا، وأصلِح دنيانا التي نعيش فيها، وأصلِح آخرتنا التي نتوقع معادَنا فيها.
  • اللهم، اجعل الحياة زيادةً لنا في كلِّ خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.
  • اللهم، نسألُك الثبات على هدي سيدِنا محمد، ونسألكَ أن تُجازِيه عنا بأفضل ما جزيتَ نبيًّا عن أمتِه.
  • اللهم، اهدِنا وارزقنا التقوى والعفاف والغنى.
  • اللهم، نعوذُ بك أن نرتَدَّ عن دينِنا، أو نُفتَن عنه. وصلَّى اللهُ على سيدِنا محمد وعلى آلِهِ وصحبه أجمعين.

فلنعمل جميعًا على زيادة الصلاة والسلام على نبيِّنا محمد عليه الصلاة والسلام، وذلك انسجامًا مع تعاليم القرآن وسنة الرسول، ولنتذكر أن الله يٌكثر في الثواب لمن يكثر في الصلاة عليه، وهذا من أعظم الطرق للقرب من رضاه والتشبه بأخلاقه الكريمة، ومن واجبنا تجاهه عليه الصلاة والسلام أن نزيد في إرسال الصلاة عليه، تجاوبًا مع قوله تعالى في القرآن “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”،

أيها العباد الأوفياء، لاحظوا أن الله -تعالى- يأمر بفعل العدل وبذل الإحسان، وبإعانة أقربائكم وأهلكم، ويحثكم على ترك التصرفات السيئة والأمور السيئة والظلم، وينبهكم على أهمية تدبر هذه الأمور، لعلكم تستفيدون من العبر والعظات، وأود أن أنقل هذه الكلمات مع استذكار عظمة الله والاستغفار منه، لي ولكم فلنلتزم بالاستغفار من الله العظيم، إذ هو الغفور الرحيم الذي يقبل التوبة ويغفر للمسامحين.