حكم تفسير الحلم وفقًا لرأي دار الإفتاء المصرية

يثير العديد من الأفراد استفسارهم حول حكم تفسير الأحلام والسعي لفهم ما تعبر عنه تلك الرؤى التي تتكون في عقولهم أثناء النوم، ويوجد بعض النظريات العلمية تقول إن هذه الأحلام تعتبر تخيلات افتراضية تنشأ في العقل الباطن نتيجة للأفكار والتفكيرات التي يمر بها الشخص في واقعه اليومي، ومع ذلك يظل الكثيرون مهتمين بتفسير الأحلام، خاصة تلك الأحلام التي تثير القلق وتبقى تراود صاحبها بعد استيقاظه من النوم، ويرى البعض أن تفسير الأحلام يمكن أن يكون له أهمية نفسية، حيث يساعد على فهم العواطف والأفكار العميقة التي قد تكون مدفونة في العقل الباطن، ولهذا السبب يلجأ البعض إلى البحث عن تفسير للأحلام التي تثير استفساراتهم، كما يعتبر تفسير الأحلام مسألة شخصية تعتمد على المعتقدات والثقافة الفردية، وقد يكون له تأثيرات متنوعة على حياة الأشخاص، وبغض النظر عن الرأي الشخصي في هذا الشأن، فإن التفكير في معنى الأحلام يمكن أن يكون مصدرًا للتأمل والتفكير في الذات.

حكم تفسير الحلم

قبل أن نبين حكم تفسير الأحلام، يجب التأكيد على أن الأحلام يمكن أن تنقسم إلى فئتين رئيسيتين، يمكن أن تكون الأحلام إما رؤى صادقة تحمل رسائل إيجابية أو سلبية تنذر أو تحذر من مخاطر معينة، أو يمكن أن تكون أضغاث أحلام تحمل رسائل غامضة وسلبية تثير الخوف والحزن وتنسب إلى تأثيرات سلبية أو ألاعيب الشيطان، وتفصيل تفسير الحلم يعتمد على السياق الشامل للحلم، بما في ذلك شكله وزمنه والشخص الذي يراه، ويقدم الدكتور يوسف الحارثي، مفسر الأحلام وعضو الجمعية السعودية للدراسات والبحوث الدعوية، هذه الإرشادات لفهم معنى الأحلام وتفسيرها.

فيما يتعلق بحكم تفسير الأحلام، يمكن القول أنه جائز بشرط أن يتم التأويل على يد شخص لديه خبرة ودراية في مجال تفسير الأحلام، حيث يستند أهل العلم إلى دليل من السنة النبوية لدعم هذا الرأي، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بتفسير بعض الأحلام وكان يأذن لبعض أصحابه بتفسيرها، ومن هذه الأحاديث، نجد رواية عن الشيخان (أبو بكر وعمر) عن ابن عباس رضي الله عنهما، حيث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره برؤياه، فطلب أبو بكر أن يقوم بتفسيرها، وقام النبي صلى الله عليه وسلم بالإذن له بالتفسير، وبعد ذلك، سأل أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم إن كان قد أصاب أو أخطأ في تفسيرها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا”، فأبدى أبو بكر رغبته في معرفة الجزء الذي أخطأ فيه النبي، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رفض الكشف عنه.

حكم تفسير الحلم
حكم تفسير الحلم

حكم تفسير الأحلام دار الإفتاء

أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم تفسير الأحلام وأكدت أنه لا يوجد أي حرج شرعي في طلب تفسير الأحلام من قبل العلماء المتخصصين في هذا المجال، مشددة على أنهم يجب أن يكونوا من أهل العلم والاختصاص، وليسوا من الدجالين. وقامت بتوجيه هذا الإجماع إلى الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ”.

وتتنوع الأحلام إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي الأحلام الرحمانية، والأحلام النفسانية، والأحلام الشيطانية، وقد نقل النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه أنه قال: “الرؤيا ثلاثة أنواع، رؤيا من الله، ورؤيا تحزن من الشيطان، ورؤيا من الأحلام اليقظة التي يراها الإنسان نفسه وهو مستيقظًا”.

هل يجوز تفسير الأحلام السيئة؟

يمكن الإجابة على سؤال حول جواز تفسير الأحلام السيئة من خلال الرجوع إلى الحديث النبوي الشريف الذي أسدل الستار عنه في صحيح البخاري، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ”، وفيما يخص موقف الصحابة من هذا الأمر، فقد قال أبو سلمة بعد ذكر الحديث: “وَإِنْ كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَىَّ مِنَ الْجَبَلِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا”، وتلك الأحاديث تشير إلى أن الأحلام السيئة تأتي من الشيطان وأنه يُنصح بالاستعاذة من شرها، وبالتالي فإنه يجوز تفسير الأحلام السيئة على أنها مجرد أحلام تتسبب فيها الأفكار والتأثيرات السلبية، وليس لها تأثير حقيقي على الشخص.

الأحلام السيئة هي تلك التي يشهدها النائم وتثير فيه مشاعر الرهبة والفزع، وفي الإسلام ويعتقد أن مصدر هذه الأحلام هو الشيطان، وبناءً على الحديث النبوي الشريف الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم، يشجع على عدم تفسير مثل هذه الأحلام. حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَبُشْرَى مِنْ اللَّهِ، وَحَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْوِيفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ. فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا تُعْجِبُهُ: فَلْيَقُصَّهَا إِنْ شَاءَ وَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ: فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ”.

وبناءًا على هذا السياق، يُنصح بعدم الاعتماد على الكتب أو المواقع على الإنترنت لتفسير الأحلام، لأن تفسير الحلم يعتمد على السياق الشخصي للرائي والعديد من العوامل الأخرى، حيث يذكر في كتاب “حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب” مثالين حيث تم تفسير نفس الحلم بطرق مختلفة، وإذا رآى شخص حلمًا بأنه يؤذن في النوم، تفسيره له كان سيئًا وتنبأ بسرقته وقطع يده، بينما تم تفسير نفس الحلم لشخص آخر على أنه يجب عليه القيام برحلة حج، وهذه الأمثلة تظهر تباين التفسيرات بناءً على السياق الشخصي للرائي وظروفه.

ما حكم حكم تفسير الأحلام لابن سيرين؟

كتاب ابن سيرين يعتبر واحدًا من أشهر كتب تفسير الأحلام، ولكن هناك شكوك كبيرة من قبل الباحثين حول صحة نسبته إلى ابن سيرين بالفعل، وهؤلاء الباحثون غير متأكدين من مصدر تأليف الكتاب، وإذا تبين أن الكتاب نسب إلى ابن سيرين بصدق، فلا يمكن الاعتماد عليه كمرجع مطلق لتفسير الأحلام، وذلك لأن تفسير الأحلام يختلف من شخص لآخر حسب الزمان والمكان والظروف.

هل تفسير الأحلام حرام؟

إن تفسير الرؤى والأحلام يندرج تحت مجال العلوم الظنية، والتي لا يمكن التحكم في دلالاتها أو التأكيد على تفسيراتها بشكل قاطع، فالحقيقة النهائية حول معنى الأحلام وزمن تحققها محفوظة عند الله”سبحانه وتعالى” ومع ذلك، حيث يسمح بالبحث والتفكير في تفسير الأحلام بهدف الاستفادة منها والتوجيه، وهذا مظهر في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم، لأصحابه حول رؤاهم، ومن المهم جداً أن يكون المفسر أو المعبر عن الأحلام على دراية تامة بما يعنيه وكيفية التفسير، وهذا يظهر في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال إن الرؤيا تعتمد على رجل طائر حتى يتم تفسيرها، وهذا يشير إلى أهمية معرفة معنى الرؤية قبل تفسيرها، ويظهر أيضاً أن هناك آداب وقواعد يجب على المفسر أو المعبر أن يلتزم بها، ومن هذه الآداب:

  • أن يكون عالمًا بمفهوم الرؤيا والأحلام، ويفهم الإشارات والتفاصيل المحيطة بها.
  • وأن يقوم بتفسير الرؤيا بأفضل طريقة ممكنة.
  • أن يتعامل بحذر وتأني في التعبير عن تفسير الرؤية قبل تقديمها للسائل.
  • ويجب أن يحترم سرية ما يتم مشاركته من رؤى وأحلام، وأن يكتمها ولا يكشف عنها إلا للمعنيين بها.

هل تفسير الحلم من النت يقع؟

تعتبر الرؤى من الأمور الغيبية التي لا يمكن لأي شخص الجزم بتحققها، حيث يكون الأمر بيد الله تعالى تمامًا، ولذلك يفضل عند تفسير الأحلام البحث على الإنترنت عن مصادر تشمل آراء أهل العلم والمفسرين المعتمدين، والمواقع التي تستند إلى كتب موثوقة في تفسير الأحلام، وإذا لم يذكر المصدر أو اسم المفسر في الموقع الإلكتروني، فيجب على الشخص الرجوع إلى مصادر معتمدة من كتب تفسير الأحلام، يجب أن ننبه دائمًا إلى أهمية عدم الاعتماد على مواقع الإنترنت التي تقدم تفسيرات للأحلام دون الرجوع إلى المصادر الموثوقة، حيث أن تفسير الأحلام يعتمد على السياق والتفاصيل الشخصية للرائي وظروفه الخاصة، ويجب أيضًا أن نتذكر أن ليس كل حلم يُرى يمكن تفسيره بمعنى دقيق. هناك تقسيم ثلاثي للأحلام يجب مراعاته:

  • الرؤى الصادقة: وهي الأحلام التي تحمل دلالات ورسائل من الله للمؤمنين.
  • حلم من الشيطان: وهي الأحلام التي يلهمها الشيطان للإنسان بهدف إثارة الخوف والقلق.
  • أضغاث الأحلام: وهي الأحلام المختلطة والتي لا تحمل معنى واضحًا وقد تكون ناتجة عن تفكير الشخص في أمور حياته اليومية والروتينية.

ما موقف الرسول من الرؤية؟

حدث اختلاف في وجهات نظر الحبشان مع الباحث الشرعي عبدالله العلويط، فقد نقل عن البخاري في حديث صحيح قوله (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسأل أصحابه: “هل رأى أحدٌ منكم رؤيا؟”)، وهذا يظهر اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالرؤى واعتبارها جزءًا من النبوة، وقد تحمل الرؤى إشارات وتنبؤات بالأمور المستقبلية أو تحذيرات من مخاطر محتملة، وإذا كانت الرؤى من شخص مؤمن صادق، فإنها تعتبر من أصدق الأحلام.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان يؤول لأصحابه الرؤى ويقوم بتفسيرها لهم، وقد يكون بعض أصحابه كانوا أيضًا يقومون بتفسير الرؤى، ولذلك فقد طلب أبو بكر الصديق مرة واحدة من النبي صلى الله عليه وسلم، أن يفسر له رؤية، وبعد أن أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، قال له بعد تفسيرها: “أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا”.

والحبشان استند في رأيه إلى مقدمة ابن خلدون، حيث أشار إلى أن العلم بتفسير الرؤى كان موجودًا منذ السلف وما زال متداولًا في العصور اللاحقة، وقد أكد أيضًا أن هذا العلم يعتبر شرعيًا ويمكن التعامل معه بناءًا على كلام المعبّرين المعتمدين من أهل الإسلام، حيث أوضح أن الرؤى جزء من الظواهر البشرية ولا يمكن تجاهلها، لذلك يجب تفسيرها بعناية وفهمها بالاعتماد على المصادر الموثوقة.

حكم تفسير الحلم
حكم تفسير الحلم

الخطوات الواجب اتباعها عن تفسير الرؤية

  • إذا كانت الرؤية واضحة بذاتها وليس فيها تعقيدات، فإنها تعتبر رؤية صادقة ولا تحتاج إلى تفسير.
  • أما إذا كانت الرؤية تحتاج إلى تفسير، فيجب على المفسر ربطها بالكتاب والسنة واللغة والأمثال والعادات ووقت الرؤيا والحالة الاجتماعية، ويعني أنه يجب أن يتم تحليل الرؤية من خلال السياق والعوامل المحيطة بها.
  • وأما إذا كانت الرؤية تعتبر من حلم الشيطان، ينصح بتطبيق السنة بالاستعاذة ثلاث مرات من شر ما رأى في المنام.
  • فإذا كانت الرؤية ناتجة عن حديث النفس بسبب التفكير السابق قبل النوم، فيمكن تفسيرها بأنها مجرد انعكاس لأفكار الشخص ولا تحمل معاني عميقة.